يُعرَّف الحسد بأنه: شعور عاطفي يتمنى فيه الشخص زوال نعمة أو إنجاز أو ملك أو ميزة من شخص آخر، وقد يرغب الحاسد أيضًا في الحصول عليها لنفسه، أو يكتفي بمجرد زوالها عن غيره.
وهو على خلاف "الغبطة"، التي تعني تمنّي مثل تلك النعمة من غير تمني زوالها عن صاحبها.
ولا شك أن الحسد من الأمراض الاجتماعية الخطيرة، التي متى ما حلت في قلبٍ، نزعت منه البركة والتوفيق، وجعلته مصدرًا للشر والأذى للآخرين.
فقد يُلحق الحاسد الضرر بالناس في صحتهم، أو أولادهم، أو أموالهم، مما يسبب عداوات وخلافات، تبدو في ظاهرها أسبابًا عابرة، لكنها في الحقيقة قد تكون ناتجة عن الحسد، الذي يغيب عن أذهان الكثيرين.
إن الخلافات التي تنشأ لأسباب بسيطة، ثم تتضخم وتتسع وتكبر حتى تخرج عن حدودها الطبيعية، يُستغرب حجمها أحيانًا، لكن لو تأملنا لوجدنا أن الحسد له دور في تأجيجها وتضخيمها بشكل غير مألوف.
وقد قيل:
"ثلاث إذا اجتمعن مع ثلاث لا يُرجى برؤهن:
كبرٌ يخالطه مرض، وفقرٌ يخالطه كسل، وعداوةٌ يخالطها حسد."
ولا ريب أن الحسد من الصفات الإنسانية المذمومة، وصاحبه مكروه، يُعد معترضًا على قضاء الله وقدره.
قال الحسن البصري -رحمه الله-:
"ما رأيت ظالمًا أشبه بمظلوم من حاسد؛ نفس دائم، وحزن لازم، وعَبرة لا تنفد."
وقال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-:
"لا تعادوا نعم الله!"
وقال أحد الشعراء:
لله درُّ الحسد، ما أعدله! * بدأ بصاحبه فقتله.
كما قال الإمام الشافعي:
كل العداوات قد تُرجى مودتها * إلا عداوة من عاداك عن حسد.
وقال المولى جل وعلا:
﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ۖ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا﴾
نسأل الله لنا ولكم سلامة الصدر، وأن نكون من الذين يتمنون الخير للناس، ويصدق عليهم قول الله تعالى:
﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾
والله الهادي إلى سواء السبيل.