من المعروف أنه في خضم الأزمات وحين اندلاع الحروب تنتشر الإشاعات بين الناس ويكثر المرجفون عبر وسائل التواصل المختلفة، ويكثر ناسجوا السيناريوهات المزيفة والتحليلات المضللة. وقد كان انتشار مثل هذه الإشاعات قديماً في أوساط المجتمع بطيئاً نوعاً ما نظراً لعدم توافر الوسائل الاتصالية المتقدمة في ذلك الوقت، ولذلك كان من السهل احتواء تلك الإشاعات وتفنيدها وبيان بطلانها وإضعاف تأثيرها من قبل الجهات المعنية.
أما في عصرنا الحاضر ومع التقدم التقني الهائل والتفوق الإتصالي المرعب والذي تجسده منصات التواصل الاجتماعي بمختلف مشاربها فإنه يصبح من الصعوبة بمكان السيطرة على ما تبثه هذه المنصات من إشاعات وإرجاف سواء في أوقات الأزمات أو في غيرها، وذلك يعود إلى أن كل شخص في هذه المنصات أصبح يمثل دور محطة تلفزيونية مستقلة والتي لا تحكمها أية معايير إعلامية أو رقابية محددة ، فهو المرسل والمستقبل ومنشئ المحتوى في نفس الوقت ، وهذا ما يؤدي إلى فوضوية النشر بشتى صوره ومضامينه.
ولا شك أن هذه المنصات تعد بيئة خصبة وأوعية مناسبة لأجهزة المخابرات في شتى دول العالم وخاصة تلك الدول ذات التأثير القوي والفعال على مجريات الأحداث في العالم، حيث تقوم هذه الأجهزة ببث أجندتها وتوجهاتها بأساليب وطرق خفية وغير معروفه لدى العامة من المتابعين مستخدمة في ذلك شتى أنواع الخداع والتدليس ومستندة على أحدث النظريات الإعلامية والنفسية وذلك للتأثير على العقول وفق خطط وأهداف معينة وتكوين ما يسمى بالطابور الخامس داخل صفوف المجتمعات.
وقد ينجرف البعض خلف ما تبثه هذه الأجهزة من مواد ووسائط ومضامين دون أن يشعر بمدى خبث هذه المضامين وأهدافها، فيقوم بإعادة نشرها أو مشاركتها مع الأخرين إما بداعي الإعجاب أو بحجة أن الموقع الذي نشرها موقع موثق ويتابعه الألوف من الناس.
وأمام هذا الضخ الإعلامي والإتصالي الهائل فإنه لم يبق لدى المتابع من وسيلة لمقاومته إلا ارتفاع مستوى الوعي سواءً على مستوى الأفراد أو على مستوى المجتمعات وتنمية ملكة الفرز الواعي لدى النشء لكل ما يبث عبر تلك الوسائل حمايةً لوطننا وقيمنا الأسرية والمجتمعية.
بقلم: حسن الشمراني

كن واعياً
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.mnbr.news/articles/364744.html