قمة جدة من أهم القمم التي انعقدت بمنطقة الشرق الأوسط وتمثل السعودية اللاعب الرئيسي فيها من حيث تنظيمها توقيتها وجدول أعمالها. فقد أعادت للواجهة العلاقات الاستراتيجية بين المملكة وأمريكا التي آن الأوان لتصلح أخطاءها، وتعيد تقييم مواقفها الغامضة تجاه إيران وأذرعها العسكرية الإرهابية التي تهدد استقرار المنطقة العربية، وتشكل خطرًا على الملاحة في الممرات البحرية الدولية.
القمة الخليجية – الأمريكية دعمت مواقف الأشقاء العرب من القضايا الدولية، فزيارة بايدن لم تأتِ من فراغ بل أحس أن قطبًا جديدًا بين روسيا والصين يطل من جديد جراء حرب أوكرانيا التي أدخلت الفوضى على “الناتو” وتنبئ بزعزعة الاستقرار في المجتمعات الأوروبية والأمريكية نفسها بسبب ارتفاع الأسعار والتهديد بأزمة غذائية محتملة، فجاء بايدن “مهرولًا ” إلى السعودية الدولة المؤثرة إقليميًا، والتي أصبحت رقمًا صعبًا لا يمكن تجاوزه، فكانت القيادة السعودية في الموعد واستقبلت الرئيس بايدن بكبرياء التاريخ وشموخ الوطن وثقة القيادة، وقد أحكمت تنظيم القمة من خلال تنسيق مسبق مع بعض القادة العرب لتوحيد الصف لأجل بناء شراكة استراتيجية أمريكية في الشرق الأوسط على أسس الندية والمصالح المشتركة، التي تضمن للجميع أمن الطاقة واستقرار الأسواق العالمية مع التزام أمريكي واضح بأمن شركائها وإعلان مواقفها بالوقوف بكل جدية ضد الطموح الإيراني، الخاسر الأكبر من مخرجات هذه القمة، وإلزام إسرائيل بتطبيق المواثيق الدولية وإعادة حقوق الفلسطينيين إذا كانت فعلًا ترغب في ضمان سلام دائم لها.
خلال هذه القمة اتضح جليًا أن سمو الأمير محمد بن سلمان كان “نجمًا” في التسيير والتدبير ووضع خارطة الطريق وخادم الحرمين الشريفين بطلها بلا منازع، حيث كانت المداولات تتم في كنف الوضوح ودراسة الملفات بكل جدية و عقلانية.
وتفاعلًا مع نجاح المملكة العربية السعودية في إدارة القمة الخليجية الأمريكية، ودورها الإقليمي ومكانتها الدولية والاقتصادية، وقد أصبحت لاعبًا رئيسًا في الأحداث الدولية وما أثبتته المواقف الكثيرة، فقد حان الوقت لمنح السعودية مقعدًا دائمًا كامل العضوية والصلاحية في المنتظم الأممي وهي جديرة به، خاصة وهي داعية سلام وعامل توازن في منطقة الشرق الأوسط وقوة صاعدة متنامية عبر العالم ثم نتيجة لحكمة قيادتها وبعد نظرها ووضوح معالم مبادئ سياستها الخارجية المعتدلة في تحالف إقليمي عربي جديد غير مرتهن لأي قطب من الأقطاب التقليدية متنازعة المصالح والتكتلات.