أكد فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي عضو هيئة التدريس في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن البعيجان أن الواجب على المسلمين الاجتماع على الحق والحذر كل الحذر مما يسبب الفرقة بين أبناء المسلمين، لأن الفرقة والتنازع والشقاق من أعظم اسباب الهلاك، مبينًا أن الواجب على المسلم الحرص كل الحرص أن يكون سببًا من أسباب وحدة هذه الأمة واجتماع شملها ووحدة كلمتها وألا يكون سببًا لفرقتها وتشتت شملها.
جاء ذلك في محاضرة لفضيلته ألقاها خلال لقائه أعضاء المجموعة التاسعة من المعتمرين لهذا العام 1438هـ، ضمن برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود للعمرة والزيارة، في مقر إقامتهم بالمدينة المنورة، وذلك في افتتاح الفعاليات الثقافية للمستضافين ضمن البرنامج الذي تنظمه وتشرف عليه وزارة الشؤون الإسلامية والإرشاد.
وقال فضيلته: “لما هاجر الرسول -صلى الله عليه وسلم- من مكة إلى طيبة الطيبة هذه المدينة المباركة كان من أول الأعمال التي قام بها ــ عليه الصلاة والسلام ــ المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، حيث كان -عليه الصلاة والسلام- شديد الرعاية لهذه الأخوة، عظيم الغيرة عليها، سريع المعالجة لبوادر الخروج عليها”.
ومضي يقول: “في إحدى الغزوات اختلف غلامان من أبناء الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين فقال أحدهم يا للأنصار وقال أحدهم يا للمهاجرين -يعني كل واحد يدعو قومه- فلما بلغ ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم غضب وقال: أبدعوى الجاهلية وانا بين أظهركم، دعوها فإنها منتنة”، لافتًا إلى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنكر عليهم ما يكون سببًا لتفكك هذه الأمة وتشتت شملها، مضيفًا: “الأمة كان يمثلها في ذلك الوقت المهاجرون والأنصار، فأنكر عليهم -صلى الله عليه وسلم- ذلك مع أنكم تعرفون لقب المهاجرين والأنصار ألقاب إسلامية كريمة وقد ذكرها الله -عز وجل- في القرآن الكريم فلما كانت سببا للحميّة والعصبية التي قد تكون سببًا لتشتت الأمة ووحدة صفها، وشق الصف بين الصحابة غضب النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنكر عليهم ذلك”.
وتابع: “من أكبر المصائب التي ابتليت بها هذه الأمة وفتكت في سواعد قواها وأطاحت برايات مجدها الاختلاف والتفرق، وصدق الله -عز وجل- إذ يقول: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}، ولذلك أمر الله -عز وجل- بالإعتصام بحبل الله، فسمعنا قول الله -عز وجل-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ*وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}، حيث نهى عن التفرق وعن كل ما يؤدي إليه”.
وأبان فضيلته أن من أهم عوامل قيام أمة من الأمم أيًا كانت الاتحاد والتآلف والتكاتف بين أبنائها. ففيه مجدها وبه تصل إلى مبتغاها، وتعيش حياة آمنة مطمئنة، وبه تكون مرغوبة مربوطة الجانب مليكة الحمى، وهذه الأمة أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- اختصت بخصائص ومنها أنها أمة واحدة حيث قال الله -عز وجل-: {وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ}.
ودعا فضيلته الجميع إلى الوحدة والاتحاد قائلًا: “والاتحاد والوحدة أمر واجب مهما اختلفت أعراقهم وأجناسهم وألوانهم، ومهما تباعدت ديارهم ولقد وردت نصوص كثيرة تنهى عن التفرق وتأمر بالإجتماع، قال الله -عز وجل-: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ}، وجاء عند مسلم حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الله يرضى لكم ثلاثًا ويكره لكم ثلاثًا، فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا، ويكره لكم القيل والقال وكثرة السؤال)”.
ورفع البعيجان شكره لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- والقائمين على هذا البرنامج، منوهًا بالجهود المبذولة لحكومة خادم الحرمين الشريفين في خدمة للإسلام والمسلمين، ورعايتها للحرمين الشريفين والحجاج والمعتمرين والزوار.
واختتم إمام وخطيب المسجد النبوي محاضرته بسؤال الله أن يجزي خادم الحرمين الشريفين خير الجزاء وأن يجعل ذلك في ميزان حسناته، كما أزجى شكره وتقديره للقائمين على البرنامج بوزارة الشؤون الإسلامية وعلى رأسهم معالي الوزير الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ، والأخوة العاملين على هذا البرنامج.
إثر ذلك شرف فضيلته حفل العشاء الذي أقامته الأمانة العام للبرنامج، كما صافح فضيلته ضيوف البرنامج، والتقطت الصور التذكارية بهذه المناسبة.