وصل رحالة مكة المكرمة إلى المدينة المنورة بعد رحلة استغرق قطعها 8 أيام و7 ليالي مشوا خلالها أكثر من 400 كيلومتر، بعد أن انطلقوا من جبل ثور، مرورًا بالحديبية، ومر الظهران، فعسفان -بلدة التاريخ واستراحة الرحالة والمسافرين ومركز تقديم خدماتهم-، ثم محافظات خليص ورابغ وبدر.
ووقف الرحالة على العديد من المعالم الأثرية والمواقع التاريخية على طول الطريق بين مكة والمدينة، وبوصولهم المدينة انتهت رحلتهم ونجحوا في بلوغ أهدافهم.
الرحالة مشيعل راجي المعبدي 45 عامًا، وعدنان حملي 47 عامًا، وعلي الغفاري 31 عامًا قالوا: “إن متعة وراحة الرحلة تتنامى مع كل مسافة تُقطع حتى بلوغ قمة السعادة والفرحة حين شاهدنا عمران المدينة”.
وعن أبرز المصاعب التي واجهتهم ذكروا أن اختلاف تضاريس وطبيعة الطريق، وارتفاع درجة الحرارة شكلت بعض المتاعب لهم، خصوصًا عند المرور بمناطق الكثبان الرملية والأودية المتضرسة والشعاب الضيقة، مؤكدين سماع عواء الذئاب في أثناء الليل، وكذلك فحيح الأفاعي السامة، علاوة على حفيف الأشجار الممتزج بصرير الحشرات، ونعيق البوم وصوت، طائر ملهي الرعيان واتفقوا على أن السير في هكذا أجواء أمر مثير للمخاوف وداعٍ للقلق، وفِي الوقت نفسه دافع لليقظة والحظر وللتسريع بالخطى، ناهيكم عن اعتراض الثعابين والعقارب للطريق بين الفينة والأخرى.
وأضافوا: “أصعب المواقف هو الرياح الشديدة المحملة بالغبار والأتربة التي اشتد هبوبها علينا قبيل وصولنا ميقات الجحفة، حيث انعدمت الرؤيا أمامنا، وتراجعت خطى سيرنا، وتغبرت أجسادنا، وضاقت أنفاسنا، وزاد للماء استهلاكنا، فدعونا الله فسلم، ومن المواقف الطريفة التي مرت علينا أنه في إحدى الليالي قبيل وصولنا المدينة، وبعد أن بلغ التعب والإرهاق منا مبلغه قررنا الاستراحة والنوم في أحد المساجد الموجودة بالطريق، وبعد دخولنا بالنوم أيقظتنا الكلاب بشدة نباحها، والحمير باستمرار نهيقها الأمر الذي قض مضاجعنا، وأجبرنا على لملمة أمتعتنا، فرحلنا ونحن نندب حظنا حينًا ونضحك أحيانًا، فتلاشى التعب الشديد، وقلت الحاجة للنوم وبعد حوالي 10 كيلومترات وجدنا مكانًا مناسبًا فارتحنا”.
و أوضحوا أنهم قضوا جزءًا من وقت سيرهم بين تعطير رحلتهم بالتسبيح والتهليل والتكبير والانهماك في المشي، فيما تتحول في أوقات إلى دائرة حوار.
وتابعوا: “لقد وجدنا في سيرنا على خطى المصطفى صلى الله عليه وسلم الوقود الذي مدنا بالطاقة والنشاط والحيوية اللازميم لإنجاز مهمتنا وتحقيق هدفنا. كما أننا استشعرنا حال نبينا وصحابته وما تكبدوه من مشقة وتعب وصلف في سفرهم وهجرتهم وغزواتهم وفتوحاتهم وبتأملنا وتمعننا في آثار المحطات القديمة ارتسمت في أذهاننا صورًا لحياة بائسة تجرع مرارتها من سبقنا في هذه الحياة، وبعد مقارنتها بما وصلت له البلاد وبما عم من خير بين العباد أدركنا بجلاء الجهود التي بذلتها حكومتنا -أيدها الله- في سبيل تحقيق رفاهية المواطن وراحة المقيم والحاج والمسافر حيث الطرق السريعة المعبدة والسكك الحديدية المشيدة والمحطات المتوفر بها كل سبل الراحة والحاجات”.
وأكملوا: “بعد أن أشرفنا على المدينة وبان لنا عمرانها اغرورقت عيوننا بالدموع وأجهشنا بالبكاء، وارتسمت على محيا كل منا علامات السعادة والفرح، فحمدنا الله وشكرناه على توفيقه لنا وتحقيق أسمى إنجازاتنا التي ستظل ذكراها الطيبة محفورة في أذهاننا”.
واختتموا حديثهم بالشكر الجزيل لكل الداعمين والمساندين من الجهات. وأثنوا على جهد محمد إبراهيم الحربي نظير تزويدهم بالكثير من المعلومات عن عسفان والمناطق بين مكة والمدينة الهامة لكل رحال في مثل هذه الرحلة وعلى استمرار متابعته ودعمه حتى الوصول للمدينة المنورة.