لم يكد يفرح مستفيدو الدفعة الأولى من قرض صندوق التنمية العقاري بإعلان أسمائهم حتى تبددت هذه الفرحة بقرار من وزارة الإسكان بتحويلهم إلى البنوك؛ الأمر الذي يفتح باب التساؤل عن سبب توجُّه الوزارة لتسليم القروض عبر البنوك وليس فروع الصندوق.
وكانت وزارة الإسكان أعلنت في 15 فبراير الماضي قائمة بأسماء المستفيدين من صندوق التنمية العقاري، حيث تهافت عشرات الآلاف من المواطنين على فروع الصندوق بمختلف مناطق المملكة لإنهاء الإجراءات، ولكنهم صُدموا من الموظفين بأنه لم تصل إليهم تعميمات من الوزارة بالشروع في إنهاء الإجراءات المتعلقة بتسليم القروض.
إنهاء مرحلة القرض الحَسَن
فسر عدد من المواطنين قرار وزارة الإسكان في حديث على إحدى القنوات الفضائية بإحالة المستفيدين للبنوك لإنهاء إجراءات القروض بَدلاً من فروع الصندوق بأنها إنهاء لفترة القروض الحَسَنَة، وبداية مرحلة جديدة سيدفع فيها المواطن فوائدَ عالية للبنوك على هذه القروض.
ووصف المتحدثون في البرنامج التلفزيوني قرار وزارة الإسكان بـ”الخطأ الكارثي”، مؤكدين أن البنوك سيكون لها شروط سيئة، ولن يستفيد منها جميع المواطنين؛ نَظَراً لارتفاع فوائد البنوك، واصفين القرار بأنه “إعدام للمواطن”، وتحويله من مستفيد إلى متضرر.
ووجَّه المواطنون نقداً لاذعاً لوزير الإسكان ماجد بن عبدالله بن حمد الحقيل؛ بسبب وعود وزارته التي ولَّدت حالة من الإحباط والاحتقان عندهم – بحسب قولهم – والتي كان آخرها تمديد المهلة الممنوحة لجميع المواطنين الذين صدرت لهم الموافقة على القرض لمدة سنتين إضافيتين تبدأ اعتباراً من 26 شوال ١٤٣٧هـ للاستفادة من القرض خلال هذه المُهلة.
أين موارد الصندوق؟
وقال وزير الإسكان ماجد الحقيل؛ ردّاً على سؤال: “أين موارد الصندوق على مرِّ السنوات؟ ولماذا لا يستمر في دوره؟ ” والذي طرحته صحيفة “عكاظ” نيابة عن المواطنين على الوزير، قال: إن “صندوق التنمية العقارية استمر في دعمه للمواطنين طوال السنوات الماضية؛ إذ جرى إقراض أكثر من 20 ألف مستفيد ممن صدرت لهم موافقات خلال العام الماضي”.
وأضاف “الحقيل”: “يستهدف الصندوق من خلال تحوُّله إلى مؤسسة تمويلية بناء على قرار مجلس الوزراء دعم المستفيدين بالطريقة الذكية، التي تقلص مدة متوسط الانتظار من 11 عاماً إلى خمس سنوات، يتم من خلالها تمويل ستة أضعاف المستفيدين مقارنة بالطريقة السابقة”.
وأشار وزير الإسكان الذي لم يتطرق إلى التوجُّه الجديد لوزارته بتحويل تسليم القروض من فروع الصندوق إلى البنوك، إلى أن الصندوق عبر الشراكة مع البنوك والمؤسسات التمويلية، أعلن عن إطلاق 85 ألف منتج تمويلي مدعوم من الدولة لمن هم على قوائم الانتظار كمستهدفين للعام 2017.
فقدان الثقة بالوزارة
وقد ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بعد قرار “الإسكان” بتحويل القروض إلى البنوك بَدلاً من فروع الصندوق العقاري بالعديد من التعليقات، مؤكدين في التغريدات عبر وسم #متضرري_الصندوق_العقاري1″، أنهم فقدوا الثقة في الوزارة.
من جانبه، ردَّ “الحقيل” على هذا الأمر بقوله: إن “المواطن لم يفقد الثقة في وزارة الإسكان”، مؤكداً أن الوزارة تعمل من خلال إطلاقها العديد من البرامج والمبادرات على توفير السكن الملائم للمواطنين؛ تماشياً مع برنامج التحول الوطني 2020.
واعتبر وزير الإسكان – حسب رأيه – أن المواطن لم يفقد الثقة في الوزارة، ولكن يوجد تغير في النشاط المناط إليها، حسب برنامج التحول الوطني 2020، وحسب رؤية الوزارة الجديدة التي تمَّت الموافقة عليها وهي التحوُّل من دور المطوِّر إلى دور المنظِّم والمراقب والمحفز.
رسالة لوزير الإسكان
وأثارت تصريحات “الحقيل” عن الـ250 مليار ريال التي خُصصت للإسكان في عهد الملك عبدالله، جَدَلاً واسعاً بعدما أكَّد أن المبلغ موجود لدى مؤسسة النقد، وسيتم الاستفادة منه في برامج الوزارة.
وتعليقاً على تصريحات وزير الإسكان، قال الكاتب الصحفي، خالد العلكمي في سلسلة تغريدات عبر حسابه على “تويتر”: إنه “بعد 5 سنوات من أمر الـ250 ملياراً نطلب من المواطن الذهاب للبنوك، أحد يذكرنا ما فائدة صندوق التنمية ووزارة الإسكان؟ والأهم أين الـ250 مليار ريال؟”.
وتابع “العلكمي”: “إذا كنا سندفع بالمواطن لحضن البنوك على أي حال فلماذا انتظرنا 5 سنوات؟ هل تعتقد وزارة الإسكان أن المواطن لا يعرف طريق البنوك لو أراد”، متسائلاً في الوقت نفسه: “إذا وفَّر المواطن الأرض بنفسه واقترض من البنك ليعمر منزلاً، أو حتى لشراء منزل، ما فائدة صندوق التنمية ووزارة الإسكان؟”.
رفع دعوى ضد الإسكان
وكان المحامي عصام المعوض، قد رفع دعوى ضد وزارة الإسكان في ديوان المظالم؛ للمطالبة بحصول موكليه على القروض لمن صدرت لهم الموافقة قبل عام 1432هــ من متضرري قرار الوزارة الأخير؛ استناداً إلى قرار مجلس الوزراء.
وطالب “المعوض”، ضمن حديث تلفزيوني بحقوق موكِّليه ممن صدرت لهم موافقة من صندوق التنمية العقاري بصرف مبلغ 500 ألف ريال لكل متقدم، مصدَّقة من وزارة المالية إلى حساب الصندوق لدى مؤسسة النقد.
وينص قرار مجلس الوزراء على استثناء الطلبات المقدمة على الصندوق، التي لدى أصحابها أرقام قبل تاريخ 22/7/1432هــ، فإنها تعامل وَفْقَ الإجراءات المعمول بها قبل العمل بهذا التنظيم، وأن يصرف الصندوق المبالغ اللازمة من رأسماله الحالي.
مطالب المستفيدين من القرض
ويطالب المواطنون بمساواتهم بمن سبقهم بالحصول على القروض من دون فوائد، وبأقساط مريحة تتناسب مع دخلهم المتوسط ولمدة 25 سنة، ولكنهم – بحسب قولهم – فُوجئوا بتسريبات بأنهم لن يحصلوا على القروض بالآلية القديمة دون فوائد؛ الأمر الذي عمَّق قلقهم.
ويبقى عدد من الأسئلة مطروحاً من المواطنين لم يجد أجوبة من المسؤولين، وكان على رأسه: “ماذا عن الأرامل والمطلقات والفقراء الذين لا يستطيعون دفع أقساط للبنوك في حال إحالتهم على البنوك، ولم يجدوا من يكفلهم للسداد عنهم؟”بحسب صحيفة تواصل.