ذكرى اليوم الوطني تتكرر كل عام لتعيدنا إلى أيام توحيد المملكة وإلى بداية انطلاقة بناء هذا الكيان الشامخ، وتفرض علينا التوقف طويلًا للتأمل في حال الماضي ومقارنته بواقعنا الذي نعيشه اليوم، فقد كان الوطن أجزاء متناثرة وممزقة وكان أبناؤه قبائل متناحرة ومتباعدة تسوده الفوضى وانعدام الأمن، وكان الجوع والفقر والمرض والتخلف هو سيد الموقف، حتى قيض الله له الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- ورجاله المخلصين -رحمهم الله- فقاموا بجهود عظيمة في لم الشمل وتوحيد أجزاء الوطن تحت اسم المملكة العربية السعودية عام 1351 هـ، وهذا التوحيد لم يقدم على طبق من ذهب بل جاء بعد توفيق الله ثم بجهود عظيمة وتضحيات جسام وجهاد وحروب استمرت مدة اثنان وثلاثون عاما من فتح الرياض عام 1319هـ، حتى تاريخ توحيد المملكة عام1351هـ.
ولك أخي الكريم أن تعود إلى تفاصيل الأحداث التي دارت خلال مرحلة التوحيد التي استمرت نحو أكثر من ثلاثة عقود سواء بالعودة إلى كتب التاريخ أو لكبار السن والرواة لتعلم وتقدر الجهود والتضحيات التي قدمها المؤسس ورجاله الأوفياء -رحمهم الله- ولتحمد الله على مامن به علينا من تبديل الأحوال وعلى ما نحن فيه اليوم من خيرات وأفضال لاتعد ولاتحصى.
فالأخوة والترابط الاجتماعي الذي نعيشه اليوم كان حروبا ونزاعات وقتل وتشريد لأتفه الأسباب، والأمن الوطيد الذي نعيشه اليوم كان خوفاً ونهبًا وسلبًا، ورغد العيش الذي نتمتع به اليوم كان جوعًا قاتلًا ومروعًا، والتعليم المتوفر اليوم والجامعات المنتشرة في طول البلاد وعرضها كانت قبل التوحيد جهلًا وأميةً وتخلفًا، والمستشفيات المتخصصة والأطباء المتميزين في جميع التخصصات البديل لما كان عليه الحال من الأمراض والأسقام، إنه من المنطق وحسن التأمل أن لا تمر مثل هذه الذكرى مرورًا عابرًا دون أن نتذكر الماضي ومصاعبه وأن نقارنه بواقعنا اليوم وأن نحافظ على بلدنا ومانحن فيه من خيرات ونعم بشكر المولى جل وعلى أولا فبالشكر تدوم النعم ثم بالالتفاف حول ولاة أمرنا وعلمائنا،وأن نأخذ في الاعتبار دائما العبارة الشهيرة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه (نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله)