لن أبالغ إذا قلت بأن 70% من سكان المملكة لا يعرفون محافظة العرضيات ولا أين تقع فضلاً عن معرفة ارثها التاريخي والحضاري والثقافي، وقد يُعذر هؤلاء الناس كون الإنسان ابن بيئته وبالتالي فإن اهتمامه سيكون منصباً على المكان الذي نشأ فيه وتأثر به علماً وتربية وتبقى معرفة الأماكن الأخرى شيئا من الترف الثقافي إن شاء أخذ منه وإن لم يشأ تركه وحاله، إلا أن هذه الأماكن احتوت على ما يجذب الانتباه ويدير الرؤوس، ولكن يا ترى ما هو العذر المقبول الذي قد تستطيع بعض الوزارات والهيئات الحكومية أن تقدمه للمحافظة لكي تتخلص من الحرج في جهلها بهذه المحافظة أو تجاهلها.منذ متى وأهالي محافظة العرضيات يطالبون بإعادة تأهيل الطريق الدولي الذي يمر بالمحافظة باتجاه جنوب المملكة ليكون طريقا مزدوجا آمنا للعابرين بدلا من أن يكون مقبرة لهم؟
ومنذ متى وشبكة الاتصالات تراوح مكانها مابين انقطاع وسوء تغطية غير آبهة بالثورة الاتصالية وحاجة الناس في المحافظة إلى التواصل مع العالم الخارجي والدخول في عالم الحكومة الالكترونية توافقا رؤية 2030؟
ومنذ متى وأثارنا تشتكي الإهمال وقلة الوعي من قبل البعض في ظل صدود هيئة السياحة عن أثار المحافظة وعدم الالتفات لها أو الوقوف على ما تبقى منها وترميمه والاعتناء به ؟
ودعوني أقف عند هذه النقطة قليلا ، فلو تجول أحدنا في نطاق محافظة العرضيات فإن المفاجئة ستدهشه عندما يشاهد العديد من القرى والحصون والقلاع الأثرية متناثرة على امتداد البصر كحبات اللؤلؤ وعلى سفوح الجبال وفي بطون الأودية ، ورغم كل هذا الثراء التاريخي والإرث الحضاري للمحافظة إلا أن الألم سيعتصربه قلب كل مشاهد لهذه الآثار جراء الإهمال الواضح لها مما أدى إلى اندثار الكثير منها وتهدم الأخر، ولكم أن تتخيلوا مدى المردود الاقتصادي والأهمية الثقافية التي ستعود على المحافظة فيما لو قامت هيئة السياحة وبادرت إلى العناية والاهتمام بهذه الآثار وإدراجها ضمن جدولها السياحي لكل من يرغب في الاطلاع على تراث المحافظة من السياح والمهتمين من كافة أنحاء العالم.
وفي حقيقة الأمر فإنه على أبناء المحافظة يقع العبء الكبير والمسئوليات الكبيرة تجاه محافظتهم وذلك عن طريق إبراز الوجه الحضاري والثقافي للمحافظة عبر وسائل الاتصال المختلفة خصوصا في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والتي جعلت من المواطن مصدرا وصانعا للأخبار بعد أن كان مجرد متلقيا سلبيا عديم التفاعل، وبإمكان المشاهير من أبناء المحافظة أن يخلقوا الفارق وذلك عن طريق التعريف بمحافظتهم وبكنوزها التاريخية والحضارية عبر حساباتهم على شبكات التواصل الاجتماعي وليكن ذلك رداً للجميل واعترافا بقيمة المكان وبأهمية البيئة التي احتضنتهم صغاراً وآوتهم كبارا.