كثيرا ما كانت محاولة إفلات الطفل من ظله والهرب منه بل وأحيانا الخوف والبكاء، من المواقف التي لا يمكن أن تمر علينا دون أن ترتسم البسمة على وجوهنا بل و الضحك عليها وخاصة اذا كنا نحن ممن قمنا بهذا مسبقا في طفولتنا.
ولعله من اللافت للنظر الآن وبعد أن كبرنا أننا مازلنا نعيش تجربة الهرب من ظلنا ولكن هذه المرة ظلنا التقني !
نعم .. نحن كل خطوة نقوم بها في عالم الإنترنت تترك أثرا تماما كمن يسير في الصحراء ليترك دليلا على أنه مر من هنا يوما.
فتخيل معي عزيزي القارئ رحلة أثارك التقنية منذ أن تمسك جوالك صباحاً ليكون صوتك التقني صداحا بتغريداتك وتعليقاتك في عالم تويتر، ثم تلتفت إلى الفيسبوك والواتس اب لعل الاصدقاء تركوا خبرا أو نكتة أو علم مجاني.
وتختتم رحلتك الصباحية باليوتيوب فهدف المباراة بالأمس لم يأخذ حقه من النظر والتمعن فلتشاهده ثانية؛ أو قد تكون الحلقة الأخيرة من المسلسل غفلت عيناك عن جزء منها لأنك كنت تحضر الملعقة لأخيك من المطبخ وقت عرض المسلسل ..
وهكذا لو تتبعنا تحركاتك لعرفنا ماذا شاهدت وماذا كتبت وبماذا علقت على الآخرين؟
ناهيك عن بصمتنا التقنية فيما تبقى من ساعات النهار والليل بوقوفنا امام شيخ العارفين العم قوقل واجابته عن كل سؤال بل وتعدده المصادر للإجابة حتى لدرجة أننا قد نسأله أين وضعت مفتاح السيارة؟
فيجيبك قوقل لقد أخذته أختك لأنها تتدرب على القيادة بشكل سري قبل أن تطلب الالتحاق بمدرسة القيادة منكم وتجد المفتاح إلى جانب علبة كريم اليد الذي تضعه منه امك بمجرد انتهاء العاملة من غسل الأواني.
ولا تسأل بالعلاقة ؟
وهكذا نجد أنه من السهولة جدا تتبعنا تقنيا بمعرفة خطواتنا لكن الأدهى أن أذهاننا بات مكشوفة واهتماماتنا وأفكارنا و تساؤلاتنا التي قد تكون مخجلة احيانا.
مما يعني أن ظلنا التقني يكشف الجانب المستور من شخصياتنا غير الجانب الظاهر للعيان والمرئي للعيان.
و حتى لا يكون ظلا اسودا لونا و محتوى... لذا نقول لك عزيزنا القارئ بظلك الرقمي!