على مدى عقود حذر أطباء القلب من أن تناول الكثير من الملح (الصوديوم) يمكن أن يسبب ارتفاع ضغط الدم؛ ما يعرض الشخص لخطر الإصابة بمشاكل مرتبطة بالقلب، ومع ذلك تشير بعض الدراسات، إلى أن الأشخاص الذين يتناولون كميات أكبر من الملح ليسوا أسوأ حالًا من أولئك الذين يتناولون كميات أقل من الطعام، ويبدو أن هناك سببًا للرسائل المختلطة حول مخاطر الصوديوم؛ حيث تعتمد نصيحة الأطباء حول تقليص الملح في الغالب على بيانات من أشخاص لديهم بالفعل ارتفاع في ضغط الدم، وبالنسبة لهؤلاء الناس يمكن لخفض استهلاك الملح أن يقلل بشكل كبير من ضغط الدم، والذي بدوره قد يحميهم من أمراض القلب والسكتة الدماغية.
وكان الافتراض أن الصوديوم يعمل بالطريقة نفسها مع كل الأشخاص، ولكن بعض الخبراء بدأوا يعتقدون أنه بالنسبة للأشخاص، الذين لا يعانون من ارتفاع ضغط الدم، قد لا يكون لخفض تناول الملح تأثير مباشر أو كبير، كما هو الحال بالنسبة إلى الناس مع ارتفاع ضغط الدم، وفي دراسة لاستكشاف الملح وضغط الدم، قدمت في الاجتماع السنوي لعلم الأحياء التجريبي، تمت دراسة أكثر من 2600 شخص، وطلب منهم تسجيل نظامهم الغذائي، وأخذ الباحثون قياسات ضغط الدم كل أربع سنوات على مدار فترة 16 عامًا، فوجدوا أن الأشخاص الذين اتبعوا إرشادات تناول الصوديوم، التي توصي بتناول أقل من 2300 مليجرامًا يوميًّا، لديهم في الواقع ضغط دم أعلى قليلًا في المتوسط من الأشخاص، الذين تناولوا المزيد من الصوديوم.
وعلق الباحثون إن هذا الاكتشاف المفاجئ لا يعني أن الصوديوم لا علاقة له بضغط الدم، لكنه يشير إلى احتمال أن الصوديوم قد لا يكون المغذ الوحيد أو حتى الأكثر أهمية الذي يجب مراعاته عندما يتعلق الأمر بالتحكم في ضغط الدم، ففي الدراسة وجد أيضًا أن الأشخاص الذين يعانون من مستويات عالية من البوتاسيوم، والذي يأتي من أطعمة مثل الموز، يميلون إلى قراءات انخفاض ضغط الدم بغض النظر عن مقدار الملح الذي يتناولونه، والأشخاص الذين لديهم مستويات عالية من المغنيسيوم يميلون أيضًا إلى خفض ضغط الدم خلال فترة الدراسة، وحسب الباحثين فإن ما تبينه الدراسة هو أن تناول البوتاسيوم والمغنيسيوم كان مهمًا من حيث ضغط الدم وأمراض القلب، بغض النظر عن تناول الصوديوم.
وحسب الخبراء فإن هذه النتائج ليست كافية لتغيير النصيحة المعيارية لمراقبة تناول الصوديوم لضغط الدم الأمثل (المعاهد الطبية الأمريكية توصي بتناول 4700 ميليجرام يوميًّا)، لكنهم يؤكدون أن هناك أدلة متزايدة على أنه بالنسبة للأشخاص، الذين يعانون من ضغط دم طبيعي والذين يرغبون في الحفاظ عليه، فإن الحد من تناول الصوديوم قد لا يكون هو الاستراتيجية الوحيدة أو حتى الأفضل، فالحصول على مستويات كافية من البوتاسيوم والماغنسيوم قد يكون مهمًا أيضًا، لحين إعادة النظر في دليل قاطع تدعمه دراسات أخرى.