نمتشق الصبر ، وننطلق من إيمان كامل بقضاء الله وقدره ، ونهيئ أقلامنا وقراطيسنا ، لنهم بالكتابة ، فتفاجئنا الأسئلة : ماذا سيكتب قلمك عن قامة كشفية كبيرة ، فتضطر الى التوقف برهة ، لتمضي نبضات قلبك الإملاء عليك سيرة ذلك الشخص الذي أعطى وأسس عطاء وتأسيسا فريدين .
تلقيت فجر الخميس 10 يناير 2019 م ، من الأخت اللبنانية نحلة الكشافة العربية دنيا أسومه خبر وفاة رائد الحركة الكشفية العربية يوسف دندن ، الذي كان ملازماً لفرش المرض في الفترة الأخيرة ، لتمر بي تفاصيل حزينة فقد كان رغم كبر سنه ملهماً للهمم ، صاحب أخلاق عظيمة وكرم ، محب للسلام والإحسان والتسامح ، ذا حكمة وروية ، وشخصية عربية ، ودعنا رحمه الله فجأة ، حتى اننا لم نستطع أن نغالب المشاعر ولا ان نعبر ولا اقلامنا أن تكتب، رغم أنه كان يملأ الميدان الكشفي حراكاً وأبوة وملاطفة وإسعادًا، ليرحل عن أعيننا، وإن كان سيبقى في سويدا قلوبنا، وفي أعماق ذاكرتنا مثالاً للقائد الرائد الكشفي الفذ، رحمك الله يا أمير وطبت حياً وميتاً.
تعرفت على الراحل يوسف دندن وانا مازلت كشافاً ، وكان بيننا تواصل بالرسائل البريدية أكثر من اللقاءات بحكم ظروف ذلك الوقت ، ثم بدأت التقية في المناسبات الكشفية العربية ، وخاصة التي تستضيفها المنظمة الكشفية العربية بالقاهرة ، وكان آخر ما التقيته عام 2016 في سلطنة عمان حينما استضافت المؤتمر الكشفي العربي الـ 28 ، وتجدد اللقاء في شرم الشيخ 2017 خلال اجتماع لجنة الإعلام والتوثيق للاتحاد العربي لرواد الكشافة والمرشدات ، وواعدني وقتها أنه سيزودني بالعديد من الصور والوثائق عن سيرة الاتحاد ، حيث كان يعرف أنني من المهتمين بالتأريخ الكشفي ، وبعدها انقطت اللقاءات بيننا لكن كنت على تواصل معه بالهاتف حتى آخر أيامه رحمه الله رحمة واسعة .
ما أشد وأعنف الموت عندما يأتي على من نحب وبدون مقدمات ، فهو ينتزع جزء من الروح رغم أنك في كامل يقظتك ، انه الموت بكل رهبته ووحشته وما يحدثه من آلام وأحزان ومعاناة ، لقد كان فقد يوسف دندن أعمق من جميع أحاسيسنا ، وأعظم من كل كلماتنا ، ولانقول الا مايرضي ربنا ، رحمك الله رحمة واسعة ، وجعل قبرك رياض من رياض الجنة ، وأنزلك منازل الصديقين والشهداء والصالحين وجمعنا بك وبمن تحب ونحب في جناته ، وشملنا جميعاً بعفوه وكرمه وفضله ولطفه .
رحمك الله يارائد الحركة الكشفية العربية ، فقد كنت قائداً ورائداً واخاً وصديقا لـ آلاف الكشافة في الوطن العربي وخارجه ، كل منهم له معك ذكرى جميلة ، ظهر فيها شيء من نبلك واخلاصك وسعة صدرك أو غير ذلك من صفاتك الحسنة التي عرفناك بها ، سنفتقدك وإن كنا لن نفتقد تاثيرك علينا ، لقد غابت شمس علم من أعلام الكشافة العربية ، وسيترك غيابه ولاشك فراغاً كبيراً في الميدان الكشفي العربي ، وسيفتقده رواد الكشافة والمرشدات .
أن يوسف دندن وقد شيع الجميع جثمانه الطاهر الثرى في جبانة الباشورة ، بعد أن تمت الصلاة على جثمانه بعد صلاة الجمعة الماضية والتي أداها مع جموع المصلينسماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان وأمين عام مجلس الوزراء اللبناني الاستاذ فؤاد فليفل والأمين العام للمنظمة الكشفية العربية القائد الدكتور عاطف عبد المجيد ، الذي نتطلع من خلاله الى إحتفال تأبيني للمرحوم ، والتواصل مع الأمين العام للمنظمة الكشفية العالمية السيد أحمد الهنداوي لمنحه وسام الذئب البرونزي نظير ماقدم للحركة الكشفية .
أسال الله لفقيدنا الرحمة والمغفرة وأن يثبته عند السؤال ، وأن يبدله داراً خيراً من داره ، وأهلاً خيراً من أهله ، وأن يرزقنا وشقيقه الحاج احمد ، وشقيقته الحاجة أمل ، وآل دندن وآل الريس ، وآل البساط ، وآل رضوان الدنا وآل علم الدين وانسابهم الصبر والاحتساب في هذا المصاب الجلل إنه ولي ذلك والقادر عليه .