تمر الأيام ولا زالت الأحلام تتنفس ببطء، ويمر الوقت والآمال تكبر وتصغر وتتلاشى في مستودعات الذاكرة، يشيخ الحبر ويحدودب ظهر القلم، ويتجعد وجه الورق داخل تجاويف الحياة، يسرق التشاؤم بسمة خطها الحماس، وتذبل وردة زرعها الماضي داخل رياض المستقبل.
يستيقظ الأمل على خلفية هذا الضجيج داخلي، فَيُعيد صياغة الأحداث، ويوقد آخر الشموع التي كادت أن تنطفئ في الأعماق.
عندما يتحدث محافظ العرضيات أجد السمع عاكفًا في محراب التركيز، وأرى التفاؤل يطرد فلول الإحباط، واُشاهد الصور تتحرك بنشوة في لوح خيالي بعد سُبات عميق.
سعادة المحافظ،،
العرضيات جميلة بجمال طبيعتها وبطيبة أهلها وبحماس شبابها. تحمل العرضيات أحلامًا كبيرة رغم قلة مواردها، نعشق ثراها ونتنفس هواءها كجزء من بلدٍ نفديه بأرواحنا ونعتز ونفتخر بخدمته حتى تغادر الأنفاس أجسادنا.
المطالب كثيرة، والجفاف أدَّى إلى شبح الهجرة، فترى القرى خاوية على عروشها، وتمر على المساكن فلا تسمع لها رِكزًا. لا يسعني سرد الاحتياجات، فأنت الخبير بذلك والمهندس الذي يضع لبنات البناء بإتقان وبحرفية الفكر المنتج ذو الكفاءة العالية.
سأتحدث عن جانب واحد فقط يهم كل من يحمل هم خدمة ونماء المحافظة، ويسعد إذا رأى العرضيات وهي تتزين لتنثر عبيرها في سماء عُشاقها وزائريها. في هذه الأيام كسا الرحمن بساطها بالأخضر، وجعل من جبالها فراءً دافئًا لزائريها، واحتضنت أوديتها العشاق والسمَّار، حيث تتراقص طربًا على أهازيج صوت الطبيعة، وتتغنى بألحان العصافير الساحرة.
ولكن لا تعلو الابتسامة شفاهنا وتستقر البهجة داخلنا إلا وغادرت قوافل الزوار ديارنا.. أتدري لماذا؟
لا حدائق عامة مجهزة لاستقبالهم، ولا أماكن مهيئة للترحيب بهم، ولا مهرجانات تسوق مستمرة ليستمتعوا بها، ولا ترفيه يحتضن أبناءهم فترة تواجدهم، ولا مطاعم تستهوي البطون لترتع منها، ولا "كشكات" ثابتة أو متحركة تروي العطش وتعدل المزاج.
خطوط زراعية ضيقة مليئة بقانصات الإطارات، ومُهلكات قطع المركبات "الحفر" المزروعة بوفرة هنا وهناك. من يقرأ المشهد خارج نطاق العرضيات سيطلق العنان لرموز الصور الباهتة التي التقطتها عدسة الانطباع الأول خلال زيارة عابرة أن تصدر الأحكام بالتعميم بعدم جدوى الرجوع إليها مرة أخرى.
نتمنى ونتمنى ثم نتمنى تحفيز القطاعات الخدمية بالمحافظة وعلى رأسهم البلديات على أن تستفيد من ومضات وإشارات أبناء المجتمع بكل جدية، ولا تضعها تحت أيقونة النقد أو الانتقاص، فقد تجاوز الوعي الشاب أسوار هذا المضمار بزمن، ووصل إلى قناعة بأنه جزء من كل ولوحة واعدة داخل معرض النجاح.
لجان التنمية الاجتماعية ولجنة التنمية السياحية، وكذلك الإعلام في المحافظة لهم دور كبير، وأثر بالغ لاستخراج العرضيات من غياهب الجب، ولن يكون ذلك إلا بالعمل التكاملي الموحد، والأهداف العامة المشتركة واستمطار الأفكار حتى ولو من الخشب المسندة والطيور المهاجرة.
مهرجان العسل السنوي إضافة رائعة للمحافظة، حيث أصبح علامة بارزة في جبين العرضيات تتميز بها عن غيرها، فنحن نقدر مدى العقبات المصاحبة، ونستشعر الحِمل الذي أوهن كاهل اللجان المنظمة، ونستمتع بفخر عند مشاهدة الهِمم وهي تُفتت صخور المستحيل.
رغم عتب المحبين وتذمرهم عن توقيت ومدة المهرجان. لا زال أهالي العرضيات لهم آمال تتجاوز الغمام. كلنا أمل أن وقود الإبداع وجذوة التميز أبو خالد حريص على أن يضع الألوان المناسبة على أجزاء الصور المتفرقة بمقادير متزنة حتى تظهر للسيَّارة وهي فاتنة جاذبة، ولسان الحال يقول: "يا بُشرى هذه العرضيات!".
التعليقات 1
1 pings
معيض بن عطية
11/12/2018 في 6:18 ص[3] رابط التعليق
سلم حرفك الباذخ، وقد قلت ما يود آلاف العرضيين قوله…