مقالي لهذا الأسبوع اخترت له عنوانًا يدعو إلى التفاؤل والأمل واستشراف المستقبل وتحقيق رؤية 2030 "ضاحية بريمان النموذحية"، لكي أبث في النفوس الأمل، محاولًا نزع تلك النظرة البائسة اليائسة التي نعيشها في واقعنا المؤلم.
وفي الواقع نحن نعيش اليوم في مملكتنا الحبيبة هذه الخطى المتسارعة في التطور والنمو والتقدم في جميع المجالات التي لم تشهد له مثيل على مر العصور في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله-، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -رعاه الله-، بمتابعة حثيثة من لدن صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة قائد خطى التطوير والبناء والتجديد في هذه المنطقة المباركة,
وفي ظل كل هذه المتغيرات كان يجب أن نكون قد تجاوزنا مرحلة "الأحياء العشوائية أو الشعبية"، ووصلنا إلى الأحياء النظامية والنموذجية الراقية. توجهت في أحد الأيام إلى "ضاحية بريمان النموذحية"، وبعد جولة سريعة بمركبتي داخل هذه الضاحية توقفت في أحد الشوارع لبرهة من الوقت لأجد نفسي في أرقى أحياء مدينة جدة، والذي يقع في الجهة الشمالية الشرقية منها. حي اكتملت فيه جميع الخدمات التي يحتاجها الإنسان أو المواطن لكي يعيش بشرف وكرامة وعزة وراحة بال. بنية تحتية متكاملة، شوارع مسفلتة ومرصوفة، مخططات نظامية وشبكات متكاملة من الكهرباء والاتصالات والمياه والصرف الصحي، مدارس ذات مواصفات قياسية في التصميم، تهتم بكل جوانب العملية التربوية والتعليمية التي تواكب أهداف وسياسة التعليم في المملكة، وتتيح للأسر التي تسكن هذه الضاحية تعليمًا يليق بأبنائهم، في جو تسوده الراحة وتعطي حافزًا ودافعًا لأبنائنا الطلاب والطالبات لمزيد من البذل والعطاء والتفوق والنجاح، فلا تكدس في أعداد الطلاب ولا مبان مستأجرة لا تصلح حتى للسكن الآدمي، فضلًا عن أن تكون مدارس للتعلم، أو مدارس ملحقة بعضها في بعض مع تجهيزات مدرسية متكاملة.
كما يضم هذا الحي مراكز للرعاية الصحية توفر لسكان الحي كل الرعاية التي يحتاجها الإنسان. كما يضم ملاعب وصالات ترفيهية ورياضية لينعم الأهالي بالمتعة والترفيه. ويوجد كذلك مركز أمني وآخر للدفاع المدني وثالث للإسعاف، بالإضافة إلى المسطحات الخضراء، وغيرها الكثير من الخدمات المتوفرة التي لا يمكن ذكرها هنا.
وفي لحظة وبينما أنا أعيش هذه اللحظات الجميلة، استيقظت من ذلك الحلم الجميل على أصوات الكلاب الضالة وهي تنبح بالقرب من نافذة مركبتي ولسان حالها يقول لي استيقظ فأنت في "حي بريمان الشعبي"، استيقظ أيها الهائم في أحلامك الوردية. وإذا بي أستوعب الموقف والمشهد المؤلم الذي أمامي، وأرى نفسي وكأني في مكان خارج مملكتنا الغالية خارج عروس البحر الأحمر فلا يمكن أن يكون هذا المكان في مدينتي بوابة الحرمين الشريفين. ولكنها الحقيقة المؤلمة والمعادلة الصعبة واللغز الذي لا يمكن حله إنها الحقيقة "حي بريمان الشعبي".
كنت أعيش حلمًا جميلًا والآن أعيش واقعًا مريرًا. حي يزيد عدد سكانه على 15 ألف نسمة يعيشون مرارة العيش فلا خدمات تذكر من تلك التي عشتها في حلمي الجميل سوى الكهرباء والاتصالات. حي متهالك أكل عليه الدهر وشرب، يعيش أهله فاجعة نقص الخدمات وفاجعة الخوف، فلا رقابة أمنية إلا فيما ندر، حتى أصبح الحي ملجأ للعمالة السائبة غير النظامية ومرتعًا خصبًا لكل مجرم، وموقعًا مناسبًا لكل جريمة. حي تكثر فيه الأمراض بسبب انتشار النفايات وقلة النظافة فأصبح أرضًا خصبة لنمو البكتيريا والجراثيم والحشرات والحيوانات الضالة. حيًا توجد فيه مدارس كافية عديمة التجهيزات ولا تؤدي الرسالة المنوطة بها. حي يفتقر للخدمات الصحية. يقع بالقرب من ما يسمى بـ"التشاليح" التي اندلعت فيها الحرائق عدة مرات وأصبحت كابوسًا يقبع في مداخل هذه الضاحية. فمن المسؤول عن هذه الحياة التي يعيشها سكان هذه الضاحية؟
صورة مع التحية لأمانة محافظة جدة، وإدارة تعليم جدة، والشؤون الصحية في جدة، ولكل إنسان غيور ومواطن صالح بضمير حي، للنظر في موضوع هذا الحي واتخاذ ما ترونه مناسبًا. دمتم بخير.