أوضح وزير المالية محمد بن عبد الله الجدعان أن استراتيجية المالية العامة تسهم في خفض معدلات العجز وتدعم استدامة المالية العامة، والنمو الاقتصادي على المدى المتوسط.
وأشار إلى أن نجاح تطبيق العديد من المبادرات لتنمية الإيرادات غير النفطية، وتحسين كفاءة الإنفاق، وتحسين آليات استهداف المستحقين بالدعم، فقد انخفض عجز الميزانية خلال النصف الأول من السنة المالية الحالية 2018م وبلغ حوالي 41.7 مليار ريال منخفضاً بحوالي 31 مليار ريال عن العجز المسجل في الفترة المماثلة من العام السابق 2017م، رغم نمو النفقات بنسبة 26% خلال فترة المقارنة.
جاء ذلك في حديث وزير المالية خلال اللقاء الاعلامي مع المختصين، الذي نظمته وزارة المالية في مقرها بالرياض اليوم، بمناسبة إعلان البيان التمهيدي للميزانية العامة للدولة للسنة المالية 1440 / 1441هـ – 2019م لأول مرة في تاريخ ميزانية المملكة، بمشاركة وكيل وزارة المالية لشؤون الميزانية والتنظيم ياسر بن محمد القهيدان، ووكيل وزارة المالية لشؤون الإيرادات طارق بن عبدالله الشهيّب ، ومدير عام وحدة السياسات المالية والكلية سعد بن علي الشهراني.
وأوضح وزير المالية أن صدور تقرير البيان التمهيدي لميزانية 2019م للمرة الأولى يعبّر عن الخطوات الفعلية الجادة لتطوير عملية إعداد وتنفيذ الميزانية العامة للدولة، ورفع مستويات الإفصاح المالي والشفافية فيما يرتبط بالمالية العامة، حيث يستعرض التقرير أهم السياسات والمبادرات المستهدفة في مشروع ميزانية العام القادم 2019م لتحقيق الأهداف المالية والاقتصادية على المدى المتوسط، وعرض توجهات الحكومة لميزانية العام المقبل وقبل صدورها بعدة أشهر كإحدى عناصر تطوير التخطيط المالي في المملكة، ويشمل البيان التمهيدي عرض توجهات الحكومة لميزانية العام المقبل في مجالات النفقات والإيرادات والعجز والتمويل وتقديراتها على المدى المتوسط، ومع إمكانية مراجعة هذه التقديرات في ضوء المستجدات المالية والاقتصادية المحلية والدولية حتى تاريخ صدور الميزانية العامة للمملكة للعام المالي 2019م بنهاية العام.
وأفاد ، أن برنامج تحقيق التوازن المالي المستهدف تحقيقه بحلول العام 2023م لا يستهدف فقط الأداء المالي، بل تحفيز النشاط الاقتصادي واستدامة المالية العامة على المدى المتوسط، من خلال إطلاق العديد من المبادرات، التي تستهدف تنمية الأنشطة الاقتصادية خاصة في القطاعات غير النفطية، فتم إطلاق مبادرات مثل برنامج حساب المواطن، وخطة تحفيز القطاع الخاص، وأيضاً برامج تحقيق “رؤية المملكة 2030″، إضافة إلى زيادة الإنفاق الاستثماري في الميزانية؛ للإسراع في عملية الإصلاح الهيكلي المحفزة للنمو الاقتصادي وتوليد فرص عمل واعدة ومستمرة.
وبيّن الجدعان أن النتائج والمؤشرات الاقتصادية الأولية تعكس هذا التقدم، حيث سجّل نمو الناتج المحلي خلال الربع الأول من العام الحالي 2018م نمواً ايجابياً بمقدار 1.2% مقارنة بمعدل نمو سلبي قدره 0.8% لنفس الفترة من العام السابق، وساهم في ذلك تعافي الناتج المحلي غير النفطي، الذي سجل نمواً إيجابياً بنسبة 1.6% مقارنة بـنمو سلبي بمقدار 0.3% خلال الفترة المماثلة من العام السابق.
وأكد أن توجه حكومة خادم الحرمين الشريفين في ميزانية العام القادم 2019م، يتمثل في استمرار تطبيق المبادرات والبرامج والمشاريع وفقاً لـ “رؤية المملكة 2030″، التي من شأنها تحقيق المستهدفات المالية والاقتصادية المعلنة والمخطط لها، وفي مقدمتها تنويع الاقتصاد، وتمكين القطاع الخاص من تحقيق دوره في النمو الاقتصادي، واستدامة المالية العامة، وتحقيق التوازن المالي بحلول العام 2023م، من خلال زيادة الإيرادات غير النفطية، ورفع كفاءة الإنفاق، واستمرار التقدم في إصلاحات إدارة المالية العامة وضبطها، مع توفير مساحة مالية تسمح بالتدخل لتصحيح المسار عند الحاجة أو الإسراع في تحقيق الأهداف المالية والاقتصادية، وزيادة القدرة على استيعاب الظروف والصدمات التي قد يواجهها الاقتصاد.
وتحدث وزير المالية عن مستهدفات النمو الاقتصادي للسنة المالية 2019م، والمدى المتوسط، مفيداً أنه تم إطلاق العديد من البرامج والمبادرات التي تهدف إلى تعزيز معدلات النمو الاقتصادي وتنويع القاعدة الاقتصادية، حيث دخلت مجموعة من البرامج حيز التنفيذ خلال العام الحالي 2018م، وبرامج أخرى سوف تُطلق لاحقاً تتضمن في أبعادها إصلاحات هيكلية ذات عوائد اقتصادية متوسطة وطويلة الأجل تستهدف العديد من القطاعات، مشيراً إلى أن الحكومة تسعى إلى تعزيز دور القطاع الخاص في عملية قيادة ودفع عجلة الاقتصاد من خلال مجموعة من البرامج منها برنامج التخصيص، الذي يتيح للقطاع الخاص فرصة ملكية او إدارة أصول مملوكة للدولة، وتقديم خدمات عامة محددة بدل تقديمها من الحكومة، في إطار الجهود التي تقوم بها الحكومة لزيادة مساهمة دور هذا القطاع في الاقتصاد، وأيضاً المساهمة في عملية جذب الاستثمارات الأجنبية.
من جانبه بيّن وكيل وزارة المالية لشؤون الميزانية والتنظيم ياسر بن محمد القهيدان، أن وزارة المالية تبنت استراتيجية لتطوير عملية إعداد الميزانية. إذ انطلقت عملية إعداد ميزانية السنة المالية 2019م منذ اليوم الأول من السنة المالية الحالية وذلك باتخاذ خطوات حقيقية لتطوير عملية إعداد الميزانية العامة للدولة وفق أعلى الممارسات المتبعة عالمياً، شملت إجراءات الحوكمة والشفافية، ورفع نسبة مشاركة الجهات الحكومية ضمن أطر تنظيمية واضحة المسؤوليات، تحقق في ذلك مستهدفات “رؤية المملكة 2030”.
وأضاف القهيدان: “يتوقع أن تبلغ جملة النفقات في ميزانية العام 2019م نحو 1,106 مليار ريال مرتفعة عن المتوقع إنفاقه خلال هذا العام بحوالي 7% في إطار السعي إلى تحقيق مستهدفات النمو الاقتصادي وتشجيع القطاع الخاص، وجاءت هذه الزيادة نتيجة ارتفاع باب نفقات التمويل والإعانات، والمنافع الاجتماعية، والمصروفات الأخرى، كحزم تحفيزية للاقتصاد ودعم للمواطنين، إضافة إلى زيادة في النفقات الاستثمارية/الرأسمالية من أجل تعزيز ورفع النمو الاقتصادي”.
من جهته؛ بيّن ووكيل وزارة المالية لشؤون الإيرادات طارق بن عبدالله الشهيّب أن حكومة المملكة تسعى منذ سنوات إلى تخفيف آثار تقلبات أسعار النفط، الذي لا يزال يمثل العنصر الرئيس لإيرادات المالية العامة رغم ارتفاع الإيرادات غير النفطية، وهو الأمر الذي تطلب تطبيق إصلاحات مالية وهيكلية لتنويع مصادر الدخل، وتسعى “رؤية السعودية 2030” إلى مواجهة شاملة لهذه التحديات من خلال إصلاحات مالية واقتصادية وهيكلية محددة ومتعددة النطاق من أهمها التنمية الاقتصادية وتحقيق التوازن المالي في المدى المتوسط.
وقال الشهيب: “إن الإجراءات والإصلاحات المالية التي تم تطبيقها خلال العامين الماضيين بدأت تؤتي ثمارها وتؤثر مباشرة وبشكل إيجابي على إجمالي الإيرادات النفطية وغير النفطية للدولة، وتزيد من تنوع مصادر الإيرادات، وأن التقديرات الأولية تشير إلى بلوغ إجمالي الإيرادات حوالي 978 مليار ريال في العام 2019م، وذلك بارتفاع نسبته 11% مقارنةً بالعام 2018م.
من جانبه؛ أكد ومدير عام وحدة السياسات المالية والكلية الدكتور سعد بن علي الشهراني تواجه العديد من التحديات في المدى المتوسط، ويأتي على رأس تلك التحديات السيطرة على معدلات العجز والدين العام، وتخفيف اثار تقلبات اسعار النفط من خلال تنمية الإيرادات غير النفطية، ورفع كفاءة النفقات التشغيلية والرأسمالية. إضافة إلى مجموعة من التحديات الاقتصادية يأتي منها تنويع مصادر النشاط الاقتصادي في المملكة، بالإضافة إلى زيادة دور القطاع الخاص في قيادة النمو الاقتصادي، ولذلك أطلقت حكومة خادم الحرمين الشريفين العديد من البرامج والمبادرات التي تصب ضمن هذا النطاق، كبرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية لتنمية الصناعة والمحتوى المحلي في عدة قطاعات مثل الطاقة المتجددة، والصناعات العسكرية والصادرات والتعدين، ويتضمن ذلك تحسين البنية التحتية ودعم الصادرات وتطوير الخدمات اللوجستية اللازمة؛ لتصبح المملكة منصة صناعية ولوجستية مميزة بين القارات الثلاث، ما يُمّكن من خلق فرص عمل واعدة للمواطنين.
وقال الشهراني: “إن البرامج والمبادرات التي تسعى الحكومة إلى تطبيقها في المدى المتوسط، تستهدف تحقيق عوائد اقتصادية تمكّن المملكة من تحقيق اقتصاد أفضل وواعد، إذ تشير تقديرات وزارة المالية الأولية إلى أن معدل نمو الناتج المحلي الحقيقي السنوي يبلغ نحو 2.3% في العام 2019م ويُتوقع أن تؤدي آثار الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية في المديين المتوسط والطويل إلى تحقيق معدلات أعلى”، وأضاف: “أنه من المتوقع أن تساهم الإصلاحات المالية الهادفة إلى خفض عجز الميزانية في اكتساب ثقة المستثمرين، بالإضافة إلى عمليات الخصخصة، وبرامج تنمية بعض القطاعات الإنتاجية المعلن عنها في برامج رؤية المملكة 2030 لحدوث زيادة تدريجية في نمو النشاط الاقتصادي غير النفطي، بالإضافة إلى الإصلاحات الهيكلية التي يشهدها الاقتصاد عموماً وسوق العمل على وجه التحديد”، مشيراً إلى أنه من المتوقع أن يستمر نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الارتفاع تدريجياً على المدى المتوسط ومع تزايد معدلات نمو الناتج المحلي الحقيقي غير النفطي.
وحول مستهدفات المالية في المدى المتوسط، بيّن الشهراني أن الإصلاحات المالية تهدف إلى المحافظة على معدلات عجز منخفضة، ومن المتوقع أن يستمر العجز في الانخفاض التدريجي على المدى المتوسط من 4.1% من إجمالي الناتج المحلي في العام 2019م إلى 3.7% في العام 2021م حتى يصل إلى التوازن المالي بحلول العام 2023م كما هو مخطط له في برنامج تحقيق التوازن المالي، مدفوعاً بتنامي الإيرادات بمتوسط سنوي 6% مفيداً أن حكومة خادم الحرمين الشريفين قد حددت سقفاً للدين العام كنسبة من الناتج المحلي عند 30%، وذلك حسب ما أعلن في برنامج التحول الوطني 2020، وهذه النسبة تعد منخفضة مقارنةً بنسب الدين العام المرتفعة لدول مجموعة العشرين، وهو ما يعكس متانة وقوة المركز المالي للمملكة، إضافة إلى المستهدفات المالية، هناك ممكنات هيكلية للمالية العامة في المدى المتوسط، التي يأتي من ضمن أهدافها تطوير سياسات مالية مستدامة، وتخصيص وإدارة الموارد المالية بفعالية، وتحسين جودة الحسابات المالية وتعزيز الشفافية (التي يعتبر إعلان هذا البيان أحد عناصر معايير الشفافية والافصاح التي انتهجتها حكومة خادم الحرمين الشريفين من خلال رؤية المملكة 2030)، والاستغلال الأمثل لأصول الدولة والتمويل المبتكر، مفيداً أن هذه الاستراتيجية تحتوي على مجموعة من البرامج والمبادرات من ضمنها تطبيق إطار للمالية العامة متوسط الأجل، الذي يسعى إلى تطوير وتحسين التخطيط المالي وبما يتيح تحديد سقوف الإنفاق للجهات الحكومية في إطار تقديرات إيرادات الدولة في ضوء تقديرات الأداء المالي والاقتصادي والسياسات والمبادرات المطبقة في هذا الشأن. كما يسمح الإطار المالي والاقتصادي على المدى المتوسط بإمكانية تطوير قواعد مالية تقوم بإرشاد السياسات المالية في المدى المتوسط والطويل، من خلال وضع أهداف مالية ملموسة، إضافة إلى إعداد إطار لإدارة المخاطر المالية والاقتصادية على المدى المتوسط، لتحديث السياسات المالية ومواجهة التغيرات والظروف الاقتصادية المحلية والدولية.