قصيدة ألقاها الشاعر عبدالله العنزي خلال إطلاق مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل جائزة سموه للغة القرآن
لَيلٌ وأقْمارٌ .. وطَيفٌ سَاهدُ
ورُؤىً تَطُوفُ .. ونَهرُ وَجدٍ راكِدُ
ولقدْ تَلُوحُ وأنتَ نَجمٌ صَاعِدُ
والجَارِياتُ سَواهِدٌ وشَواهِدُ
نادَتْكَ من كونِ المَجازِ فَراقِدُ
شوقًا إليكَ .. فأنتَ وحْدكَ خَالِدُ
….
حَنَّتْ إليكَ قَلُوصُ شِعرٍ أَدْلَجَتْ
والظَامئونَ إلى سَناك تَوَافَدوا
يا سيّدَ الكَلماتِ .. جِئتُ وفي يَدِيْ
لُغَةٌ مُؤجَّلةٌ وقلبٌ واجِدُ
هَبني مِدادكَ .. فالسَماءُ وأحْرُفي
سُحُبٌ مُكَّبَلَةٌ ومَعنىً هَامِدُ
أناْ ذا أقُودُ الحَرفَ منكَ لمَوطنٍ
الخالدونَ على نَدَاهُ تَوارَدوا
منْ ها هنا بَدأَ الضِياء ..
غَداةَ أبْصرتُ الرجالَ إلى السَماءِ تَصَاعَدوا
بَذلوا دماءَ العزِّ دونَ بِلادهمْ
وسَقَوا ترابَ الكِبرياءِ وجَاهَدوا
من خادمِ الحرمَينِ كان ضِياؤهُمْ
لمّا لغاياتِ الخلودِ تَعاضَدوا
سلمانُ مَنْ سَبَقَتْ إليهِ قُلُوبنا
وَدَعَتْهُ من فَلَكِ الجَلالِ أوَابِدُ
وعلى يَمينِ العزِّ .. طَودٌ شامخٌ
أفقٌ لأحلامٍ
ومجدٌ حاشِدُ
أسْمَاهُ من عَشِقَ الطُموحَ (مُحمدًا)
فسَرَتْ به في السَائرينَ مَحامِدُ
هذي البِلادُ كأنَّما هيِ والسَنا
والمَجدُ والتاريخُ .. شيءٌ واحدُ
جِئنا إليها والقُلوبُ مَدى مُنىً
معَها لنَجْماتِ السَماءِ مَواعِدُ
فإذا بهَذا الشَعبِ سِرْبُ جَوارحٍ
لرحابِ أفلاكِ الأمانيْ صَاعِدُ
منكَ القصيدةُ سَيّدي .. وأنا فتى
ما زالَ يدنوْ مرَّةً ويُباعِدُ
…..
يا ابنَ المُلوكِ .. فَضِيلةُ المَعنى هُنا
أنَّ الحروفَ إلى سَمَاكَ صَواعِدُ
يا ابنَ الملوكِ .. جَرى بِذِكْرَكَ سَابِحٌ
قَطَعَ السَماءَ .. وذِكْرُ غيركَ قاعِدُ
يا ابنَ الملوكِ..
الشِعرُ مِنكَ أجِزْ فمًا
أبدًا يُعاندُني شَجىً وأعانِدُ
قالتْ يَدي: “بادٍ هَواكَ” .. فخِلْتُني
متنبيًا تُوحَى إليهِ قصائدُ
قُوْمي لنَنْسجَ من فَضاءِ شُموخِنا
أُفُقًا يَجُوبُ به الخَيالُ الشَارِدُ
ولنَبتكِرْ لسَليلِ نجمٍ لامعٍ
لغةً نُناشدُها النَدى وتُناشدُ
إنّي ولمْ أكُ بُلبلًا يا سيدي
أشْدوْ بِمجدكَ إنَّ مَجدكَ خالدُ
نَثرَتْ على يدكَ الليالي وَجْدَها
أرأيتَ ليلًا في الهوى يَتَواجَدُ
ومشتْ إليكَ قَوافلٌ منْ دَهشةٍ
ورَنَتْ إليكَ من الجنوبِ هَدَاهِدُ
شًرفًا أميرَ المجدِ .. في قَلمي نَدىً
وعلى جَبينِي من جَلالكِ شَاهدُ
أعْلَيْتُ ذِكْركَ في الضلوعِ .. وفي دَمي
من فَيضِ شِعركِ للخلودِ فَرائدُ
وقرأتُ سِفْرَ الخَالدينَ .. فكُنتَهمْ
وشمَختَ إذْ هانتْ لديكَ شَدَائدُ
يا خالدَ الأمْجادِ .. شكرًا .. كلّما
لاحَتْ على جِيْدِ البيانِ قَلائدُ
أحييتَ من لُغة الكِتابِ
وجُدْتَ يا كفّ السَحابِ
لأن قلبكَ ماجِدُ
ونَمَاكَ من قِمَمِ الكِرامِ أمَاجِدٌ
ونَمى إليكَ من الكِرامِ أمَاجِدٌ
وسَعيتَ سعيَ المُمسكينَ حَقيقةً
بِيَدِ الحقيقةِ والحياةُ تُعاندُ
فصَنعتَ صَرحًا يَخدمُ اللغةَ التي
جَاءتْ ودَمعُ العينِ منها جَامِدُ
فاهْنَأ .. فقدْ سَارتْ بذِكْركَ أنْجمٌ
واكتُبْ لتُقرأَ للسنينِ مَحامِدُ
والناسُ فيكَ اثْنانِ إمّا ناطِقٌ
بجلالِ قدْركَ في الدُنا .. أو حَاسِدُ
يا مُسْتفيقَ الرُوْحِ .. لَيلكَ خَيمَةٌ
للطَامِحينَ .. وليلُ غَيركَ راقِدُ
ونَداكَ أسْمى من حُدودِ قَصائدي
كالبدرِ لاحَ .. فَما يقولُ الجَاحِدُ؟!
عَلّمْتَنا لغةَ السماءِ .. فجِئتُ في
كفّي سَوانحُ من حَيًا وشَوارِدُ
ومَنَحْتَنا أفُقًا جَديدًا مُشْرِقا
زُحلٌ قَريبٌ دُونه وعطاردُ
.. .. ..
هذا مِدادَكُ سيدي
الشعرُ أنتَ
وأنتَ نَجْمٌ فوقَ ذلك خَالدُ
يا “دَائِم السَيفِ” امْتَشَقْتَ به العُلا
وأكفُ غَيركَ من عُلاكَ غَوامِدُ
أترى أرى من دهشتي طيفًا سرى
من فيصل التاريخ وهو الخالدُ
أم أن فيك من التفاتة عينهِ
وبهاء منطقه وعقل راشدُ
وجهان للسيف الصقيل أراكما
وبهِ نحامي سيدي ونجالدُ
ماذا يَقولُ الشِعرُ عَنكَ؟ فرُبما
سَقَطَ الزَمانُ .. وأنتَ وَحْدكَ صَامِدُ
ولرُبما زَهْوًا ومَجدًا سيدي
نَادتْكَ من كَونِ المَجازِ فَرَاقِدُ