إن ما يميز المنهج التربوي الإسلامي أنه ينبثق من نظام التربية الإسلامية المشتقة من نظام الإسلام الذي يقوم على أساس متكامل من المبادئ والقيم والأسس الإسلامية والتي تسيِّر كل شؤون الحياة؛ إذ يستند هذا المنهج في فلسفته إلى العقيدة الإسلامية والتصور الإسلامي للكون والإنسان والحياة، فمن مميزات هذا المنهج اتِّصافه بالشمولية ويقوم على دعامة التربية الأخلاقية الهادفة، وكذلك فهو منهج متكامل متوازن يتَّصف بالإيمانية العميقة الموصلة إلى تزكية النفس وتحقيق ذاتية الفرد وشخصيته الإيجابية، كما يتَّبع المنهج العلمي في التفسير والبحث. وأيضًا إنساني؛ إذ يهتم بجميع نواحي الفرد من جميع نواحيه، شامل يتيح التعليم للجميع بدون استثناء محققًا تكافؤ الفرص للجميع. ومن مميزات فلسفة هذا المنهج أنها إيمانية موحدة، إيجابية، واقعية، شاملة تجمع بين الأصالة والتجديد؛ واقعية تأخذ فلسفتها من واقعها الاجتماعي. إذن هو منهج شامل عادل مستمر متكيف مع جميع الظروف والحاجات.
وقد تطور المنهج الإسلامي على مرِّ العصور، ومن سمة هذا التطور الألوهية؛ إذ هو يستند إلى إفراد الله بالعبادة والوجود، ويؤكد في نظرته للكون هدفًا معيَّنًا وفق قوانين كونية، حيث إنَّ الله خلق الإنسان لهدفٍ سام وهو عبادة الله والإيمان به وحده وإفراده بالعبادة، كما اهتم بالحياة وبيَّن أنَّ الحياة الدنيا ما هي إلَّا دار عبور للحياة الآخرة. وقد نظر المنهج إلى المتعلم نظرةً عميقة تأخذ بفطرة المتعلم على أساس الفطرة التي خلق الله عليها الإنسان، إذ اهتم بجميع جوانبه الاجتماعية والنفسية والمادية بهدف إعداد الإنسان الصالح كي يأخذ دوره الإيجابي بتفاعله مع المعلم في ودٍّ واحترام، مشاركًا كل الأنشطة التعليمية، إضافةً إلى اهتمامه بتنشئة المتعلمين اجتماعيًّا، وإكسابهم العادات الحسنة الجيدة، كالتعاون فيما بينهم والقدرة على حل المشكلات التي تواجههم، إلى جانب اعتباره للمحتوى متسمًا بالثَّبات الذي ينشق من ثوابت القرآن والسنة النبوية، كما راعى بالمحتوى الأهداف وتسلسلها وشمولها وعمق المعرفة وتكاملها بين المناهج المختلفة، فهو صالحٌ لجميع حقول المعرفة في أيٍّ وقت.
غير أنَّ المنهج الإسلامي يعتمد على الخبرة وتتابعها التي هي أساس بناء الإنسان والمجتمع، ويتَّسم بأنه عصري ويصلح لجميع حقول المعرفة، كما يتميَّز بالتوازن والمرونة وقابلية التعديل والتجديد، ويأخذ بوحدة المعرفة وترابطها وتكامل المعرفة الحسيَّة والعقليَّة والروحيَّة. ويدعو للرجوع إلى التراث العربي في بناء المحتوى، ويؤكِّد المنهج التربوي الإسلامي أنَّ المحتوى يجب أن يُبنى على حقائق علميَّة يقينيَّة تأخذ بوحدة المعرفة وترابط المواد وتكاملها الحسيَّة والعقليَّة والروحيَّة، التي تعتمد على الخبرة وتتابعها التي هي أساس بناء الإنسان والمجتمع.
وبمراعاته في المحتوى استعدادات المتعلمين وميولهم وحاجاتهم والفروق الفردية فيما بينهم، ذلك فهو منهج متكامل يراعي جميع جوانب بناء شخصية الفرد واستقامتها، إذ هو -كما قلنا آنفًا- يعتمد على نظم الدين الإسلامي وتعاليمه.
_________________
*باحثة دكتوراه في الإدارة التربوية – جامعة أم القرى.